مستخدمين جرافة آلية وهاتفين “ارحلوا يا لصوص”… هكذا اقتحم المحتجون الليبيون مساء الجمعة مقر مجلس النواب، مطالبين بحله. كما أضرموا النيران في سيارات أعضاء في مجلس النواب وأحرقوا إطارات في محيط البرلمان وحطموا أجزاء من جدران المبنى عبر آلات بناء ضخمة.
رقعة التظاهرات امتدت على مدن عدة في البلاد، فشهدت العاصمة طرابلس ومدن ليبية أخرى احتجاجات للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية والاسراع بانتخابات رئاسية وبرلمانية وحل أزمة الكهرباء.
استغلال سياسي
وعن اقتحام المجلس النيابي، اعتبر مدير برامج شمال افريقيا والمكتب الاقليمي د. ايلي أبو عون “أن التحركات الشعبية لم تكن مفاجئة نظرا لتدهور الوضعين الاقتصادي والخدماتي في البلاد، ناهيك عن المخاوف المستمرة من انفجار الوضع الأمني.
وأضاف “تحاول أطراف سياسية عدة استغلال التحرك الشعبي، الذي امتد على مختلف الأراضي الليبية، لتحقيق مصالحها الشخصية”.
وفي حديث لـ”جسور”، توقع أبو عون “أن تستمر التحركات الشعبية بغية الوصول الى مطالبها، مشيرا الى أن” المحادثات الليبية-الليبية في حال توصلت الى تسوية، قد تحد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تضرب البلاد.”
وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة أيد المتظاهرين، بينما أعلن المجلس الرئاسي أنه في حال انعقاد دائم، حتى تتحقق إرادة الليبيين في التغيير وتشكيل سلطة منتخبة والعيش في دولة تنعم بالأمن والاستقرار.
من جانبه، قال مجلس النواب في بيان إنه “في الوقت الذي نؤكد فيه حق المواطنين في التظاهر السلمي والتعبير عن مطالبهم سلميا، ندين بشدة قيام البعض بأعمال تخريب وحرق مقار الدولة”.
دعوات للاستقالة والانسحاب
وفيما يتعلق بالانتخابات المبكرة، أشار أبو عون الى أن “الحل لا يكمن في الاسراع بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية لأنهما ستحصلان في الأجواء السياسية نفسها، بل على العكس تماما ستزيد من حدة الانقسام السياسي وبالتالي على الأطراف الليبية والاقليمية العودة الى خارطة طريق مبنية على الحوار، وبعيدا من خطاب الكراهية، للوصول الى تسوية عامة بهدف اجراء انتخابات باستطاعتها حلحلة الوضع الحالي.”
وعن تفاقم الخلاف السياسي بين الأطراف وتعثر المفاوضات،لفت أبو عون الى أن “الخلاف لا يدور بين الدبيبة وباشاغا، بل مروحة الخلاف السياسي هي أوسع بكثير اذ تطال من جهة الأقاليم (الشرق والغرب والجنوب) ومن جهة أخرى تتعلق بالتنافس على السلطة ضمن الإقليم الواحد، فالدبيبة وباشاغا ينتميان الى الغرب والآن يتنافسان على رئاسة الحكومة.”
ووسط هذه التطورات، نقلت قناة “ليبيا الأحرار” عن النائب بلخير الشعاب قوله “يجب أن نعترف بفشلنا وأن ننسحب فورا من المشهد السياسي”.
من جهته، دعا النائب زياد دغيم في تصريح للقناة ذاتها، أعضاء مجلس النواب ومجلس الدولة إلى تقديم استقالتهم جماعيا، احتراما لخيار الشعب الليبي وحفاظا لاستقرار البلاد. وتتنافس حكومتان على السلطة منذ مارس/ آذار، واحدة مقرها طرابلس غرب البلاد يقودها عبد الحميد الدبيبة منذ 2021 وأُخرى بقيادة فتحي باشاغا يدعمها البرلمان. وكان مقررا إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في ديسمبر/كانون الأول 2021 في ليبيا تتويجا لعملية سلام ترعاها الأمم المتحدة، لكنها أرجئت إلى أجل غير مسمى بسبب خلافات قوية بين الخصوم السياسيين والتوتر على الأرض.
واختتمت الجولة الأخيرة من المحادثات في جنيف بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري من دون اتفاق على إطار دستوري لإجراء الانتخابات.
أزمات بالجملة
ورفع المتظاهرون شعارات تطالب برحيل الأجسام السياسية ومطالبة المجلس الرئاسي الليبي بالتدخل لإنهاء حالة الانقسام السياسي في البلاد. كما رفع المتظاهرون شعارات تطالب بإخراج كل القوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا ووقف التدخل الأجنبي. وفي مصراتة، حمَّل محتجون المجلس البلدي مسؤولية أزمة انقطاع التيار الكهربائي بالمدينة.
وخلع المحتجون باب المجلس البلدي من دون اقتحامه أو تعرض أي من العاملين داخله للأذى، ووجهوا مطالبهم للمجلس البلدي نتيجة لوعود سابقة قدمها المجلس لحل أزمة الكهرباء.
وخرجت احتجاجات أخرى في بنغازي، كما طالب محتجون في بلدة القبة شرق ليبيا بسقوط كل الحكومات والكيانات السياسية بسبب تدني مستويات المعيشة. وفي مدينة البيضاء طالب محتجون بإقالة كل المؤسسات التشريعية والتنفيذية والسيادية وتسليم السلطة إلى المجلس الأعلى للقضاء.
كما طالبوا بتعجيل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ومحاسبة كل من ساهم في إفساد الدولة على حد وصفهم. ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بتحسين الوضع المعيشي والخدمات العامة وعدم تدخل الدول الأجنبية في الشأن الليبي. وانطلقت المظاهرات في وقت سابق من يوم الجمعة بشكل متزامن في كل من العاصمة طرابلس (غرب) وبنغازي (شرق) وسبها (جنوب)