This piece was originally published on the masdardiplomacy website https://www.masdardiplomacy.com/
“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
كشف مدير برامج الشرق الاوسط وشمال افريقيا والمكتب الاقليمي في معهد الولايات المتحدة الأميركية للسلام الدكتور إيلي أبو عون في حوار مصوّر مع “اليوتيوب الرسمي” لموقع #مصدر_دبلوماسي بأن اجتماع باريس الرباعي في شباط ليس إلا بناء لدعوة فرنسية لتثبيت دور باريس في الملف اللبناني لكن الموقفين السعودي والاميركي لا يزالان على حالهما حيال التعاون مع لبنان. وقال أن ثمة تقاطع غير معلن بين حزب الله والدول الغربية بعدم تدويل الملف اللبناني كما يطالب البطريرك الماروني. وقال بأن حزب الله وجّه اشارات عبر القنوات الدبلوماسية بأنه مستعد للتفاوض حول ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية اللبنانية. وقال أبو عون الذي اختتم زيارة للبنان التقى خلالها عددا من المسؤولين اللبنانيين بأن الحزبين المسيحيين الاكبرين أي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية يتلهيان بالمناكفات في حين لا يرون الخطر الذي يحدق بالمسيحيين وهو لا ينحصر بعدم اجراء الاستحقاق الرئاسي، مشيرا الى أن الحزبين يعجزان عن رؤية الصورة الاكبر ومدى خطورة ما يحيق بالمسيحيين. ووجه أبو عون نقدا لنواب كتلة التغيير في البرلمان اللبناني لعجزهم عن التخطيط السياسي الواضح ومدّ الجسور مع الكتل الاخرى معتبرا أن مصطلح “التغييريين” لا يعني العقل الاقصائي. في ما يأتي النص الحرف للمقابلة:
*كيف تحوّلت الاولويات الاميركية في اتجاه لبنان منذ اقرار اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل بوساطة اميركية في تشرين الثاني 2022؟
–لم يحصل تحوّل كبير في الاولويات الاميركية. كان موضوع اتفاق الترسيم من الاولويات، وبعد اتمام الاتفاق تبقى الاولوية في متابعة تنفيذه وتبعاته. شهدنا هذا الاسبوع التوقيع الذي حصل في السراي الحكومي بين شركات “قطر إنرجي” و”توتال إنرجيز” و”إيني”، وتبقى الاولويات الاخرى متعلقة بتطبيق القرار 1701 والحدود الجنوبية ودعم الجيش اللبناني والقوى الامنية المسلّحة، والتأكد من عدم حصول انهيار أمني في لبنان الخ. طالما وجدت هذه الاولويات وهي لا تزال موجودة.
*شهدنا في الاسبوع الفائت تقديم هبة أميركية للجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي عبر صندوق الامم المتحدة الانمائي كيف يمكن شرح الاعلان عن هذه الهبة في هذا التوقيت بالذات في لحظة فراغ رئاسي وحالة لا استقرار على جميع المستويات؟
-اتخذ القرار بدفع هبة للجيش اللبناني منذ قرابة السنة وقبل حلول الفراغ الرئاسي، إنما واجهته عقبات إدارية في الولايات المتحدة الاميركية تتعلق بنوعية وكالة للأمم المتحدة التي يمكن العمل معها. ثم ارتفعت بعض الاصوات المعارضة في الكونغرس الاميركي مطالبة بالاجابة على بعض الاسئلة. ارتبط التوقيت تاليا بانتهاء العقبات الادارية وحتى حين وجدت عقبات ادارية، طلب الاميركيون من القطريين مدّ لبنان ببعض المساعدات وهذا ما حصل فعليا. دعمت قطر الجيش اللبناني بمبالغ معينة، إن هذه المساعدة التي أقرت الاسبوع الماضي ليست جديدة بمضمونها ولا بتوقيتها، فالقرار متخذ فيها من زمن، لكن تأخر موعد تنفيذها.
*هل يمكن تفسير هذه الهبة بأنه يوجد خوف على الوضع الامني في لبنان؟
-إن الخوف على الوضع الامني في لبنان موجود قبل الهبة وبعدها، وكما سبق وقلت، إن عدم حصول انهيار أمني هو من اولويات الولايات المتحدة الاميركية في لبنان.
يمكن أن يحصل تقاطع غير مباشر بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة و”حزب الله” على إسم قائد الجيش
*لم نلمس منذ اقرار الاتفاق حول الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل بوساطة اميركية أي تحسن في مساعدة لبنان في موضوع الطاقة: استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الاردن، لا تزال هنالك عراقيل توضع في خانة شروط البنك الدولي، لماذا لا تسهل الولايات المتحدة الاميركية هذا الامر وخصوصا وأن اللبنانيين يعيشون في عتمة شبه كاملة؟
-إن العقبة الرئيسية هي من لبنان للأسف وليست من الولايات المتحدة الاميركية. حاولت الولايات المتحدة الاميركية في أكثر من مرحلة تذليل بعض العقبات وتدخلت مع البنك الدولي ومع مصر والاردن الخ، حتى أنها تغاضت عن بعض العقوبات المفروضة على سوريا، ولكن كان ثمة امران مطلوبان من لبنان، يتعلق الاول بزيادة التعرفة والآخر بتشكيل الهيئة الناظمة، تمّ الامر بالنسبة للتعرفة ولا تزال الهيئة الناظمة معلقة بسبب خلاف سياسي حولها، وبالتالي إن العقبة الرئيسية اليوم هي عقبة لبنانية لبنانية وليست أجنبية، لا أميركية ولا غير أميركية.
*سينعقد اجتماع رباعي في باريس بين 7 و10 شباط فبراير يضم الولايات المتحدة الاميركية ممثلة بباربرا ليف وفرنسا والمملكة العربية السعودية وقطر، ما قيمة هذا الاجتماع؟ وما هو مضمونه وهل سيعيد لبنان الى أجندة الاهتمام الدولي أم انه تشاوري فحسب؟
-بإعتقادي وبحسب المعطيات التي توافرت لي، إن هذا الاجتماع هو جزء من الحراك الفرنسي من أجل لتبرير دورهم في لبنان وللإستمرار بكسب أمر معيّن في الملف اللبناني، إن مشاركة دول أخرى ستكون بحسب رأيي مشاركة سطحية، لن تغير الواقع الذي كان موجودا، توجد تحفظات شديدة على مساعدة لبنان طالما أن الوضع الداخلي والمعادلة القائمة حاليا ثابتة، وبالتالي لا اعتقد ولا اتوقع ان يغّير هذا الاجتماع في جوهر الامور وهو أنه توجد دول وخصوصا المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج والى حدّ ما الولايات المتحدة الاميركية التي لديها تحفّظ على مساعدة لبنان مباشرة عبر الحكومة اللبنانية والتعاون مع السلطات طالما أن الواقع الذي نعيشه من ناحية تعطيل الاصلاحات واسباب أخرى سياسية.
*كيف يمكن تفصيل الموقع الخليجي والسعودي تحديدا في هذا الخصوص، فإذا كان الموقف ثابتا فلماذا يشاركون في هذا الاجتماع سواء المملكة العربية السعودية أو الولايات المتحدة الأميركية؟
-يشاركون لأنه لم يتمّ التخلّي تماما عن الاهتمام بلبنان، ولا أعتقد أن لا الولايات المتحدة الأميركية ولا دول الخليج يهمّها أن ينهار لبنان. لكن، في الوقت عينه، فإن طبيعة المساعدة المطلوبة من الخليج لا تتلاقى مع أولوياتهم ومفهومهم لكيف يجب أن يكون الوضع في لبنان. وطالما هذه القوة موجودة، فلا أعتقد أنه ستحصل مساعدات بالشكل الذي يتوقعه بعض اللبنانيين، لكن هذا لا يعني أن هذه الدول ستنعزل تماما عن الملف اللبناني، بل يتشاورون ويشاركون ويحاولون إيصال رأيهم ولكن لن يغيروا قرارهم بأن مساعدة لبنان يجب أن تكون من ضمن رزمة أكبر فيها تغيير في المعادلة القائمة سياسيا.
*هل من نقاط محددة ستناقشها أجندة هذا الاجتماع كملف الرئاسة اللبنانية أو الاصلاحات؟
-بصراحة ليس لدي اطلاع على الاجندة، لكن لا استغرب وجود بعض النقاط السياسة بما فيها انتخابات الرئاسة وبعض النقاط الاقتصتدية والمالية التي تتعلق بالمساعدات وموضوع الكهرباء الخ.
*في المقابلة السابقة في أيلول الماضي سألناك عن مدى اهتمام الولايات المتحدة الاميركية بانتخاب رئيس لبناني، أجبت بأن الولايات المتحدة الأميركية تحتفظ لنفسها بحق الفيتو، ولكنها لن تسمي شخصا محددا، هل لا يزال الموقف الأميركي هو ذاته؟ وما هي المستجدات منذ أيلول وبعد وقوع الفراغ الرئاسي منذ اشهر؟
-أنا اعتقد أن الموقف لا يزال على حاله، لا يريدون التدخّل في الاسماء، وكل الطلبات بمحاولات التواصل مع أميركيين من قبل مرشحين محتملين، تلقت اجابة محسومة، نحن لا نريد التدخّل بالاسماء. لديهم مواصفات للرئيس، يريدون رئيسا لديه قدرة على وضع حدّ لتوسع نفوذ “حزب الله” في الدولة اللبنانية من دون مواجهة مباشرة، أي بالسياسة، وأن يكون رئيسا اصلاحيا وصديقا للولايات المتحدة الاميركية الخ…أي توجد مجموعة من المعايير لكن لا يتدخلون بالاسماء، ولا اعتقد أنهم سيتدخلون بالاسماء إلا إذا وصلنا الى مرحلة صار فيها انهيارا امنيا، وتدهورا امنيا، عندها سيكون الموقف مغايرا.
*هل من المتوقع أن يحصل انهيار أمني بعد الانهيار المالي والاقتصادي الذي نعيشه؟
-توجد العديد من الدول التي تحاول تجنّب هذا الصدام، لكن لا يمكن اعطاء ضمانة بأن هذا الامر لن يحدث.
الولايات المتحدة الاميركية لا تتدخل بإسم رئيس الجمهورية اللبناني المقبل ولكن تريده أن يلجم نفوذ حزب الله… بلا مواجهة مباشرة
*هل إن تفلّت سعر صرف الدولار كما هو حاصل حاليا هو بقرار دولي؟
-لا، إن موضوع الدولار يتعلق بالمضاربات المحلية، وناس تجني مكاسب كبيرة جدا وغير منطقية وغير انسانية. وليس له علاقة بالدول.
*بالنسبة الى موقف الولايات المتحدة الاميركية بأن أي رئيس يترتب عليه أن يلجم نفوذ “حزب الله” بطريقة ما، ولكن في المعادلة الداخلية اللبنانية يبقى “حزب الله” القوة الابرز وصاحبة الكلمة الفصل في الانتخابات الرئاسية، كيف يمكن ان تستوي الشروط الاميركية مع هذا الواقع، هل يعني ذلك بأن رئاسة الجمهورية هي في انسداد أفق طويل الأمد؟
-المرجّح أن الفراغ الرئاسي سوف يستمر الى فترة طويلة، إلا إذا حصل تغيير في الاولويات على المستوى الاقليمي والدولي. ولكن، أتصوّر بأن اللبنانيين لديهم مساحة للاتفاق على اسم يكون غير مستفز للاميركيين وغير مستفز لـ”حزب الله”، وفي هذه الحالة لن يعارض أحد، لا فرنسا ولا أميركا ولا اي أحد آخر. وبالتالي، بالرغم من أن لدى بعض الدول مواصفات محددة، لا أعتقد بأن المساحة الموجودة للقوى اللبنانية للاتفاق على إسم، هي مساحة صغيرة، بل هي مساحة كبيرة. لذا برأيي أن المسؤولية الكبرى تقع على تقاعس القوى السياسية اللبنانية في موضوع ايجاد هذه المساحة المشتركة.
*البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي طالب مرارا بنوع من حلّ دولي في مسألة الرئاسة، أي أن تتدخل الدول لإيجاد حلّ معين، لماذا لم يلق من الدول آذانا صاغية، والمعروف أن البطريرك اقترح هذا الحل لأنه يوجد انسداد أفق في أي حلّ داخلي؟
-إن هذا الملف هو أحد الملفات الذي يوجد فيه تقاطع بين “حزب الله” وبعض الدول الغربية. تعتبر الدول الغربية بأن تدويل الأزمة اللبنانية سوف يضع على عاتق هذه الدول مسؤوليات معينة تريد تحمّلها في المرحلة المقبلة.
*ما هي؟
-توجد مسؤوليات سياسية ومالية الخ، حين يعلن تدويل الازمة اللبنانية لا تعد امكانية لدول أن تنسحب كليا من الملف اللبناني، بل سيكون عليها أن تكون منخرطة في ادارة الملف اللبناني بشكل مباشر، وهذا أمر لا يريده الغرب بشكل عام، سواء الولايات المتحدة الأميركية أو حتى الأوروبيين، كذلك فإن “حزب الله” في الوقت عينه، لا يناسبه التدويل، لأن تدويل الازمة اللبنانية يضع “حزب الله” ونشاطه تحت المجهر، وبالتالي يوجد تقاطع غير مباشر، بين الغرب و”حزب الله”، بأن التدويل ليس الخيار الأفضل.
*هل يمكن أن يحصل تقاطع غير مباشر بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة و”حزب الله” على إسم قائد الجيش؟
-نعم، الامكانية قائمة.
*لكن، لدى “حزب الله” مرشح آخر هو سليمان فرنجية، ولو لم يتبناه بشكل مباشر بعد؟
-صحيح، يبدو أنه يوجد رأي داخل “حزب الله” بأن المرشح الرئاسي هو الوزير السابق سليمان فرنجية، ولكن في الوقت عينه، وجّه “حزب الله” أكثر من إشارة الى أطراف داخلية وخارجية غربية، بأنه مستعد للحوار. وهذا يعني بأنه غير متمسّك بالوزير سليمان فرنجية، كما كان متمسكا بالرئيس عون قبل أن ينتخب رئيسا للجمهورية، إن المقاربة مختلفة هذه المرة. صحيح أن لديهم مرشح لكنهم جاهزون للتفاوض وقد أرسلوا هذه الاشارة مرات عدة.
*عبر من؟
-ظهرت إشارات في الاعلام من خلال تصاريح مباشرة وليس عبر القنوات الدبلوماسية فحسب.
المرجّح أن الفراغ الرئاسي سوف يستمر الى فترة طويلة ولدى اللبنانيين مساحة للاتفاق على اسم يكون غير مستفز للاميركيين و لـ”حزب الله”
-هل تمت الاستجابة لهذه الاشارات؟
-حاول الفرنسيون استعمال هذه الفرصة، ولكن القوى اللبنانية الاخرى لم تستجب. لا أعتقد أن الفريق الآخر في لبنان جدّي في موضوع المفاوضات.
*من هو الفريق الآخر؟
-الفريق الذي هو ضد “حزب الله”
*هنالك ايضا ملف رئاسة الحكومة، وأعتقد أن الملفين مترتبطين ببعضهما البعض بحسب أكثر من مناخ دبلوماسي، هل من رأي لديك حول كيفية اختيار رئيس الحكومة المقبل في ظل غياب المرجعية السنية الواضحة والصريحة بعد عزوف الرئيس سعد الحريري عن العمل السياسي؟
-ليس لدي رأي شخصي، لكن أقول أن غالبية الازمات اللبنانية غالبا ما تنتهي بسلّة تفاهمات وليس بتفاهم حول موضوع معيّن، والمثل الاخير هو تفاهم الدوحة، وبالتالي لا استغرب أن ننتهي بحوار داخلي بعد هذه الازمة بمباركة اقليمية ودولية تؤدي الى سلّة تفاهمات تشمل رئاستي الجمهورية والحكومة ويمكن بعض الملفات الاخرى.
*إن عدم الاتفاق هو بين المسيحيين، لو اتفقت الاحزاب المسيحية وفي مقدمتها التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وشخصيات مستقلة وازنة لكانت انتجت رئيسا، ومحاورة الفريق الآخر بإسم محدد، كيف ترى الى أداء الافرقاء المسيحيين والشخصيات المستقلة؟ كيف تستشرف مستقبل هذه الطائفة في البلد؟
-إن الجواب هو من شقين: إنّ الخطر على الوجود المسيحي في لبنان ليس محصورا بالملف الرئاسي فحسب، بل توجد مخاطر أكبر وأهم بكثير من موضوع الرئاسة وللأسف فإن غالبية القوى المسيحية إن لم تكن جميعها أكانت سياسية أو اجتماعية او دينية لم تبرهن لغاية الآن أنها تمتلك بعد نظر استراتيجي للتعامل مع هذه التحديات، وهذا يوصلنا الى الشق الثاني من الاجابة المتعلق بالرئاسة، وهو أكبر مثل لقصر نظر هذه القوى، لأنها لا تزال تتعامل بمنطق المناكفة وتصفية الحسابات وجميعهم تغيب عنهم الصورة الكبيرة وهي أن النهوض بلبنان اليوم يتطلب أن يكون هنالك عمل سياسي فعلي. يعني اليوم، يدخل التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية بمعركة طاحنة بين بعضهما البعض، كلّ طرف يريد أن يطحن الثاني سياسيا طحنا، وبالتالي إن هذا الأمر يؤخر انتاج تفاهم حول رئيس للجمهورية، أما القوى الاخرى سواء أكانت تغييرية أم أحزاب أصغر لا تعرف كيفية العمل السياسي، يشتغلون عملا مطلبيا! وكأنهم مجتمع مدني أو نقابات وليس سياسية، لا توجد لديهم استراتيجية سياسية للقوى خارج هذين الحزبين الكبيرين اللذين يشتغلان سياسة مناكفات. هذا هو توصيفي للواقع.
ما يقوم به النواب التغييرون من اعتصام في البرلمان “مسرح” ولديهم قصور في العمل السياسي
*ما هو المطلوب؟
-المطلوب أن تكون الاولوية اليوم هي استنهاض البلد، ويبدأ استنهاض البلد بخطة اقتصادية وبتفاهم على توزيع الخسائر، وبخطة للحفاظ على القطاع المصرفي من دون الاضرار بمصالح المودعين، لأنه لا يمكن أن تكون خطة للنهوض الاقتصادي من دون قطاع مصرفي، لكن لا يجوز أن يبقى القطاع المصرفي يتصرف بهذه البلطجية الموجود فيها اليوم. توجد اليوم اولويات لا يتطلع اليها أحد مع الاسف ويتلهون بالمناكفات الشخصية.
*في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ما هي الاجواء الاقليمية المؤثرة علينا وماذا عن الحوار السعودي الايراني في شأن اليمن، لأنه يؤثر على لبنان بشكل غير مباشر؟
-يؤثر بشكل غير مباشر بشكل كبير، ولكن أي تقارب سعودي ايراني يمكن ان يتم استثماره ولو انها لن تكون نتيجة مباشرة. ولكن مع الاسف، إن مسار الحوار السعودي الايراني الذي بدأ بمبادرة عراقية بمرحلة معينة هو حاليا إما متوقف أو بطيء جدا.
-لكنه سيستأنف؟
-توجد مؤشرات بأنه سيستأنف، ومؤشرات أخرى أنهم لا يريدون استئنافه وخصوصا بعد بعض المواقف السعودية مساندة للتظاهرات في ايران. وبالتالي فإن هذا المسار إما معطّل أو بطيء جدا، لذا برأيي فإن الاتكال عليه في لبنان هو غير واقعي. بالطبع، إن الدول الاقليمية المؤثرة في لبنان، توجد بالدرجة الاولى ايران واسرائيل، وهما اكثر دولتين لديهما دور للعبه في لبنان ولدينا طرف ثالث وهو السعودية ودول الخليج بشكل عام. إذا نظرنا الى تموضع هذه القوى الثلاثة توجد هوة كبرى بينها وبالتالي فإن الملفات الاقليمية التي يعاني منها لبنان لا اعتقد أنها ستحل في وقت قريب، ولكن أعود وأكرر، أنه توجد مساحة للقوى اللبنانية لكي تتفاهم على بعض الملفات الداخلية التي تريح اللبنانيين في بعض جوانب حياتهم اليومية. وهنا اضع لوما كبيرا على القوى اللبنانية لعدم الاستفادة من هذه المساحة والاستمرار بسياسة المناكفات.
*بعد زيارتك الاخيرة الى لبنان كيف تستشرف المستقبل الرئاسي والحراك السياسي؟
-المشكلة أنه لا يوجد حراك سياسي، يوجد حراك شخصي، وتصفية حسابات شخصية، ويوجد أشخاص ولو لم يكونوا منخرطين في المناكفات الشخصية ولكن تغيب عنهم طبيعة العمل السياسي، لا توجد اليوم استراتيجية سياسية وصناعة تحالفات وخصوصا لدى قوى التغيير. وأحدد لكي لا ابقى أتكلم بالمجهول، إن نواب التغيير الـ13 الموجودين في المجلس عليهم مسؤولية كبرى لا يقومون بها.
*هم اليوم في اعتصام داخل المجلس؟
-هذه مواقف، مسرح.
*بماذا يمكنهم القيام أكثر؟
-توجد استراتيجية سياسية، ونسج تحالفات وتقديم مقترحات وتواصل وايجاد مساحات مشتركة وهذا كله لا يحصل، صدرت مبادرة رئاسية وانطفأت.
*هذا أمر متعثر في ظل الاستقطاب الحاصل في البلد؟
– في ظل الاستقطاب ينبغي عليهم أن يلعبوا هذا الدور، لأنه من المفترض أن يكونوا خارج الاستقطاب. أكرر القول أنه يوجد قصر نظر بكيف يعرّفون بدورهم كنواب، هم لا يزالون يتصرفون على أنهم ناشطين. انتهت مرحلة النشاط السياسي، صرتم نوابا ولديكم دور سياسي لكي تلعبونه، وفي السياسة توجد مبادرات ومقترحات وتواصل وتفاهمات وايجاد مساحات مشتركة.
*لكن ليس الامر بهذه السهولة فكيف يمكنهم ايجاد مساحات مشتركة مع التيار الوطني الحر وحزب الله إذا كانوا متموضعين ضدهما؟
-هنا تقع المشكلة، هذه واحدة من المشاكل.
*كيف يكونوا تغييرين إذن؟
-يمكن للواحد أن يكون تغييرا من دون أن تكون لديه هذه النظرة الاقصائية للآخرين، في النهاية توجد احزاب كبرى موجودة سواء احببناها أم لا، ولديها كتل في المجلس النيابي ينبغي التعاطي معهم، لا يمكننا الاستمرار برفض الحوار مع الآخرين، فما هي فائدة الدخول الى المجلس النيابي.
*هم الكتلة النيابية الاصغر لكن لا توجد كتلة واحدة لديها الاكثرية النيابية لاتخاذ قرار في المجلس الذي نشأ عن انتخابات أيار 2022، بل ثمة حاجة الى نسج تحالفات، هل هذا الامر صحي في البرلمان؟
-إنه ضروري، هكذا يقوم العمل البرلماني وإلا عليهم الانتظار أن يأتي جيش من المريخ ويمسح كل الاحزاب الكبرى ويضع بديلا لها.
*متى تتوقع حصول الانتخابات الرئاسية؟
-من الصعوبة التكهن بهذا الامر، يوجد منجمين يتحدثون في هذا الموضوع ربما هم أكثر قدرة مني لمعرفة ذلك