This piece was originally published on the jusur website https://www.jusur.com/
الخريطة السياسية الليبية حبلى بالغموض والتعيقدات والتقلبات، وجذور الأزمة السياسية الراهنة تعود الى شكل المسار الدستوري وعملية السلام برعاية دولية، فقد اختير عبد الحميد الدبيبة رئيسا لحكومة الوحدة الوطنية في 25 من فبراير/شباط 2021، وصوت البرلمان الليبي لمنح الثقة للحكومة الانتقالية برئاسة الدبيبة.
وكان يفترض تمهيد الطريق لاجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، غير أن الانتخابات تأجلت إلى أجل غير مسمى بسبب خلافات شديدة على الأساس القانوني لتنظيمها. وفي فبراير/شباط الماضي، اختار البرلمان الليبي فتحي باشاغا رئيسًا جديدا للحكومة خلفا لدبيبة، لكن الأخير شكك في دستورية الاجراء وأكد أنه لن يتنازل عن السلطة إلا بعد إجراء انتخابات وتشكيل حكومة منبثقة عنها.
انقسام سياسي
وشهد التنافس بين الدبيبة وباشاغا مراحل عديدة، آخرها اشتباكات مجموعات مسلحة موالية لكل منهما خلال الأيام الأخيرة في العاصمة طرابلس خلّفت عشرات القتلى والجرحى.
واعتبر مدير برامج شمال افريقيا والمكتب الاقليمي د. ايلي أبو عون في حديث لـ”جسور” أن “للنزاع في ليبيا جذورا أعمق بكثير من التنازع على السلطة بين الدبيبة وباشاغا، وبالتالي الحل في طرابلس يجب أن يتم على مراحل، أولا إيجاد تسوية سياسية مرحلية ساعية الى تأمين حد أدنى من الاستقرار والى تقديم خدمات شتى للمواطن الليبي، ثانيا العمل على آلية للحوار الوطني بغية الوصول الى عقد اجتماعي جديد بين الليبيين لوضع حد للخلافات الجوهرية، على سبيل المثال تحديد النظام المعتمد في البلاد.”
تدخل أممي
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف فوري للعنف في طرابلس، كما دعا الأطراف الليبية للانخراط في حوار حقيقي لمعالجة المأزق السياسي الحالي وعدم اللجوء إلى القوة لحل خلافاتهم. وفي السياق، أشار أبو عون الى أن “بعثة الأمم المتحدة تعمل وفق الصلاحية الممنوحة من مجلس الأمن، وبالتالي بات واضحا أن صلاحيتها محدودة ولا يمكن تحميلها المسؤولية كاملة عما يحصل في ليبيا“. وأضاف “تنجح مهمة الأمم المتحدة في ليبيا بتوفير الأجواء المناسبة من المجتمع الدولي، أولا دول المنطقة تلعب دورا بارزا في هذا الخصوص ولا سيما الحوار المصري التركي الذي يتقدم ببطء لكن ثماره بدأت تظهر من خلال عدم موافقة تركيا على المشاركة في الاشتباكات الأخيرة في ليبيا.
ثانيا، يؤثر الخلاف بين دول الاتحاد الأوروبي، خصوصا بين إيطاليا وفرنسا ، على تطور مسار الخلافات في ليبيا.
ثالثا، تؤثر العلاقات الأميركية – الروسية على المشهدية الليبية، فموسكو حاضرة بقوة في ليبيا من خلال مجموعة فاغنر، منظمة روسية شبه عسكرية، الا أن واشنطن عبرت مرارا عن استيائها من التدخل الروسي الهادف الى تأمين استقرار في البلاد عبر هذه المنظمة ولمصلحة موسكو الشخصية.”
تجدد الاشتباكات
ولا يزال سكان طرابلس يعيشون يوميا قلقا ورعبا من عودة شبح الحرب، بعدما تجددت الاشتباكات فجر الاثنين في طرابلس بين قوات تابعة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، و”الكتيبة 777″ بقيادة هيثم التاجوري، الداعمة لحكومة فتحي باشاغا المكلفة من البرلمان.
وأتى هذا التصعيد بعد هدوء حذر شهدته طرابلس الأحد، بعد أن حصدت المعارك التي تفجرت ليل الجمعة السبت بين الميليشيات 32 قتيلاً وعشرات الجرحى.
واعتبر أبو عون أن “المعطيات الأخيرة تشير الى أن القوى الموالية لدبيبة باتت تسيطر على طرابلس وأخرجت كل المجموعات التابعة لباشاغا.” وتابع “الدبيبة برهن أن ازالته أمرا صعبا للغاية، واي محاولة لازالته عسكريا ستؤدي الى النتيجة نفسها أي خسارة باشاغا والقوات الموالية له.”
تقاذف الاتهامات
وفي غضون ذلك، تبادل رئيس حكومة طرابلس عبد الحميد الدبيبة ورئيس الحكومة المكلف من البرلمان فتحي باشاغا الاتهامات بشأن الاشتباكات الأخيرة. ولفت الدبيبة “الى ان من شنوا العدوان على طرابلس، رضوا بأن يكونوا مطية لأجندات دولية لا تريد الاستقرار لليبيا”.
ومضى قائلا، “فشل مشروع الحكومة الموازية، لأن الشعب يرفض التمديد لأجسامهم الفاقدة للشرعية”، في إشارة لحكومة باشاغا والبرلمان. بينما حمّل فتحي باشاغا، الدبيبة بالمسؤولية عن الاشتباكات في طرابلس، معتبرا ان “حال الفوضى الأمنية في طرابلس، أحدثتها مجموعات إجرامية خارجة عن القانون، تأتمر من زعيمها الدبيبة الذي انتهت ولايته وشرعيته