Joint forces affiliated with Libya’s Government of National Unity, assemble inside the closed Tripoli International Airport as they deploy on the outskirts and entrances of the capital Tripoli, on August 16, 2022. (Photo by Mahmud Turkia / AFP)
ليبيا.. معركة كسر عظم بين باشاغا والدبيبة “بدون منتصر”
This piece was originally published on the alhurra website https://www.alhurra.com/
سجلت الاشتباكات الدامية الأخيرة في طرابلس، حلقة جديدة من مسلسل العنف الذي يقف عائقا منذ عدة أعوام، أمام نجاح عملية الانتقال السياسي في ليبيا.
الاشتباكات التي أوقعت 32 قتيلا و159 جريحا، سبقها تراشق لفظي بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، المعترف به دوليا، ورئيس الوزراء المكلف من مجلس النواب، والمدعوم من قبل المشير خليفة حفتر، فتحي باشاغا.
وكان باشاغا طلب من الدبيبة تسليم السلطة، “حقنا لدماء الليبيين” وهو ما اعتبره الدبيبة “تهديدا”.
ومنذ مارس الماضي تتنافس الحكومتان على السلطة في ليبيا، لكن الأيام الأخيرة عرفت تصاعدا للخلاف أفضى لهذه الاشتبكات المسلحة، في العاصمة طرابلس، التي تقع في مرمى أهداف الطرفين، ما أثار المخاوف من عودة ليبيا للمربع الأول.
وتسعى الحكومتان لفرض سيطرتها السياسية على طرابلس إلى حين تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية، تعثرت عدة مرات.
ومقر الحكومة التي جاءت وفق اتفاق سياسي برعاية أممية، والتي يقودها الدبيبة منذ بداية 2021 يقع في طرابلس (غربا).
في هذا الصدد، قالت مساعدة الأمين العام للأمم المتّحدة للشؤون السياسية روزماري ديكارلو، منتقدة التطورات الأخيرة التي شهدتها العاصمة الليبية: “على الرّغم من جهودنا المستمرّة، لم يتمّ إحراز أيّ تقدّم نحو التوصّل إلى توافق على إطار دستوري للانتخابات”.
وأضافت أنّ هذا “المأزق” يشكّل “تهديداً متزايداً للأمن في طرابلس ومحيطها، وربّما لجميع الليبيين”، وهو تهديد “تحقّق” قبل أيام قليلة، في إشارة إلى الأحداث الدامية في طرابلس.
وتابعت “يبدو أنّها كانت محاولة جديدة من قبل القوات الموالية لباشاغا لدخول العاصمة من الشرق”، مشيرة إلى أنّ هذه المحاولة “صدّتها” القوات الموالية للدبيبة.
يقود تصريح ديكارلو الذي أطلقته خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، إلى التساؤل حول ما يمكن أن تفضي إليه المعارك بين القوات الموالية للطرفين، أو بعبارة أدق، كيف يمكن أن تنتهي الأمور؟
“الحل لن يكون أمنيا”
قبل نحو شهر، خلف قتال مماثل في طرابلس 16 قتيلا لكن الاشتباكات الأخيرة كانت على نطاق غير مسبوق، واسعة وأكثر عنفا، منذ فشل محاولة حفتر، غزو العاصمة عسكريا في يونيو 2020 ، في ذروة الصراع.
لذلك، يقول مدير برامج شمال أفريقيا والمكتب الإقليمي في معهد الولايات المتحدة للسلام، إيلي أبو عون، إن الاشتباكات الأخيرة في طرابلس، أثبتت مرة أخرى بأن الحل في ليبيا لا يمكن أن يكون أمنيا.
وفي اتصال مع موقع الحرة، أشار أبو عون إلى أن “الخطوة الأولى” في سياق الانتقال السياسي المنشود هي “إيجاد تسوية سياسية بين الأطراف الرئيسية” في إشارة إلى الحكومتين المتنافرتين.
وبالنظر إلى انتهاء ولاية حكومة الدبيبة في يونيو وفقا لخارطة الطريق، عين البرلمان فتحي باشاغا رئيسا للوزراء في فبراير، ومع ذلك، يصر الدبيبة على تسليم السلطة لحكومة تأتي عبر الانتخابات فقط.
وحتى اليوم، يبدو أنه لا اتفاق سياسيا يلوح في الأفق لإجراء الانتخابات وإنهاء المرحلة الانتقالية منذ 11 عاما، الأمر الذي يزيد من إمكانية توسع النزاع المسلح.
ولتلافي هذا السيناريو، يلفت أبو عون إلى ضرورة إيجاد حل سياسي توافقي يحول دون اللجوء إلى العنف.
يقول أبو عون في الصدد: “التوافق السياسي سيفضي إلى حوار وطني شامل” ثم يشير إلى أن الاشتباكات المسلحة في ليبيا “لا يمكن أن ترجح كفة أي طرف على حساب طرف آخر”.
“لا يمكن أن يكون هناك رابح من هذه الاشتباكات” وفق أبو عون، الذي اعترف أن المسار السياسي أصبح رهينة مجموعات مسلحة.
مستقبل مبهم
في سياق تحليله، عبّر أبوعون عن تخوفه من تأثير هذه الجماعات على مستقبل ليبيا وقال “حتى السنوات الأخيرة كان هناك حد أدنى من التأثير كانت تمارسه السلطة السياسية على المجموعات المسلحة، لكن اليوم نرى العكس”.
وبحسب الرجل، فقد أصبحت الميليشيات المسلحة هي من يؤثر بشكل رئيسي في القرارات السياسية.
ويسود ليبيا انفلات للسلاح، بينما شهدت البلاد دخول مجموعات مسلحة على اختلاف ولاءاتها، أبرزها مجموعة فاغنر الروسية.
وندد المجتمع الدولي مرار، بوجود مرتزقة روس وقوات تركية وجماعات مسلحة تضم سوريين وتشاديين وسودانيين في ليبيا.
وفي 9 أغسطس الماضي، اجتمعت اللجنة العسكرية المشتركة مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) في سرت لتعزيز استعداد الآلية الليبية لمراقبة وقف إطلاق النار.
وأحرز اللقاء تقدما في تفعيل غرفة العمليات المشتركة، كما أنهى إجراءات انسحاب القوات الأجنبية والمقاتلين والمرتزقة الأجانب من ليبيا، لكن الاشتباكات الأخيرة، غذّت المخاوف من جديد من تعطل هذه العملية واستمرار النزاع المسلح.
“لا يوجد أي منتصر”
في هذا الصدد، يرى المحلل السياسي الليبي، إبراهيم بلقاسم، أن أي نزاع مسلح قد يزيد من تعقيد الوضع في ليبيا ويؤجل العملية السياسية المنشودة.
بلقاسم قال لموقع الحرة، تعليقا على ما جرى في طرابلس من عنف مسلح إن ليبيا في غنى عن أي دماء تسيل بفعل الاشتباكات التي تهدف لتغليب كفة على أخرى.
وقال كذلك إن أي صدام سينعكس بالسلب حتى على مصالح الكثير من الدول وخص بالذكر الاتحاد الأوروبي، الذي يخشى من تصاعد وتيرة الهجرة غير الشرعية نحوه، من ليبيا.
وكشف أنه خلال الاشتباكات الأخيرة، تم استهداف مركز لإيواء المهاجرين “وهذا سيقود حتما أي مهاجر لمغادرة ليبيا فورا نحو أوروبا”.
كما شدد على أن حقول النفط باتت مهددة بفعل هذه الاشتباكات وقال إن تكرار مثل هذا السيناريو سيعيد ليبيا إلى المربع الأول، مضيفا: “ليس هناك منتصر في أي اقتتال أهلي”.
لكنه عاد ليؤكد أن هذا الوضع “سيشجعنا في التفكير الجدي في الحلول والمخارج” مشترطا أن تكون أي تسوية سياسية قادمة “عبر الانتخابات” ونصح بالتعجيل بتنظيم انتخابات برلمانية، تتيح للجميع المشاركة في صياغة المشهد المقبل، للوصول إلى استقرار فعلي.
ورغم تشديده على ضرورة احترام الشرعية التي أفضت إلى إنشاء حكومة وطنية، إلا أنه قال إن الدبيبة، رئيس هذه الحكومة، “لم يحصل على صك على بياض” وذلك يفرض عليه الالتزام بتنظيم الانتخابات نزولا لما تفرضه أسباب وجود حكومته.
وبحسب بلقاسم فإن الصدامات الأخيرة التي ندد بها المجتمع الدولي قد تخدم الدبيبة الذي يتمتع بنوع من الشرعية الدولية، لكنها لا تخدم العملية السياسية، في تأكيد لضرورة إيجاد حل توافقي بين الأطراف المتناحرة سياسيا، حتى تصل ليبيا إلى بر الأمان