This piece was originally published on jusur website https://www.jusur.com/
على وقع استمرار المواجهات الميدانية منذ الثامن من أكتوبر/ الماضي بين إسرائيل وحزب الله من جهة، وضمن التحركات الخارجية باتجاه لبنان، تزور رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني بيروت الأربعاء.
ويتضمن جدول الزيارة اجتماعا مع رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، ولقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، ما يطرح أسئلة عدّة حول الدور الذي قد تلعبه إيطاليا في هذه المرحلة. هل تستلم إيطاليا الدفة لعدم تمكن فرنسا من تحقيق أي تقدم بأي ملف لبناني؟ وهل تنافس ميلوني الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيروت؟
في هذا الإطار، يقول د. إيلي أبو عون، وهو أستاذ محاضر في جامعة القديس يوسف واستشاري دولي في النزاعات والسلام، “لا أعتقد أن لدى إيطاليا الرغبة بالتدخل في الملفات الداخلية اللبنانية، وأتوقّع أن دورها سيكون ترتيب بعض الأمور المتعلّقة بترسيم الحدود ومستقبل اليونيفيل ليس أكثر”.
وتابع في حديث لـ”جسور”، “إيطاليا تربطها بلبنان علاقة جيّدة بشكل عام، خصوصًا على المستوى التجاري، فهي المساهم الأول في قوات حفظ السلام، ودورها في ما يتعلّق بالحدود الجنوبية والترتيبات هو أساسي”.
وأضاف: “كما لا أعتقد أن هذه الزيارة ستؤثر كثيرًا على الوضع العام في البلاد، أو ستحدث أي خروقات في ملف الجنوب، الذي عقده باتت معروفة. إيطاليا ستحمل للبنان أفكارًا كثيرة للمناقشة، لكن من دون خطّة أو إجراءات”.
“رهن شيطان التفاصيل الدبلوماسية”
من جهته، رأى د. محي الدين الشحيمي، وهو أستاذ القانون والسياسات الخارجية في كلية باريس للأعمال والدراسات العليا، أنه “ظاهريا، ستحرك هذه الزيارة ركود الساحة اللبنانية من حيث البروتوكول والإجتماعات واللقاءات بين رئيسة الوزراء الإيطالية والوفد المرافق مع الجانب اللبناني، في حين أن الباطن لم يقدم ولن يؤخر ولم يغير من شيء”.
وتابع في حديث لـ”جسور”، “ما لم تقدر عليه أميركا وفرنسا، لن تقدر عليه إيطاليا، لأن الأمور حاليا رهن شيطان التفاصيل الدبلوماسية، لا سيما بعد قرار مجلس الأمن الأخير القاضي بوقف مستدام غير فوري ومقرون باستكمال العملية السياسية ونجاح المفاوضات لتثبيته”.
وأضاف: “تأتي زيارة رئيسة الحكومة الإيطالية وكأنها أقل من زيارة عادية إنتاجيًا ونفعًا، هي من ضمن مسلسل الأفكار والخطوات، وتتمحور حول أمرين الأول وهو عدم جواز الاستمرار في هذه السلوكية الواقعية الممثلة في قواعد الاشتباك والتي ضربت كل منظومة الأمان والاستقرار، رغم عدم تمدد رقعة والحرب الى شمولية، والأمر الثاني هو لزيارة القوات الإيطالية العاملة في اليونيفيل بشكل خاص، ومعايدة اليونيفيل بشكل عام، ولحث الجانب اللبناني الرسمي على ضرورة التعامل مع والتعاون والشركة مع اليونيفيل، في إلزامية لتطبيق القرار 1701، ومختلف القرارات الدولية التي تساعد في تهدئة الساحة اللبنانية ومنع تزايد لهيبها واشتعالها”.
ولفت الشحيمي إلى أن “إيطاليا تُعتبر حاليا مع رئيسة الحكومة ميلوني في موقع مشاكس ومعاكس لمواقف الإدارة الفرنسية برئاسة ماكرون، على مستوى الإتحاد الأوروبي، وما يتعلق في أوروبا على مستوى القارة الداخلية وما يتعلق بخارجها، وخصوصا الحرب الروسية الأوكرانية التي تهدد أوروبا كلها، في ظلّ الخلافات حول طريقة وجوهر الموقف من الجبهة الروسية الاوكرانية، وفي كيفية دعم أوكرانيا وإدانة روسيا، كذلك في حرب غزة الدائرة خارج أوروبا التي تؤثر عليها وتشغلها”.
وأردف قائلًا، “لكنهم متفقون في لبنان على استقرار وجواز تطبيق القرارات الدولية ولعدم انزلاق البلاد الى الحرب، خصوصًا وأن إيطاليا لم تتخط فرنسا في لبنان بل كانت ولا زالت عامل مساعد أوروبي لها في القضايا الدولية”.
جورجيا ميلوني
يُذكر أن جورجيا ميلوني هي سياسية وصحفية إيطالية، تشغل منصب رئيس وزراء إيطاليا منذ 22 أكتوبر/تشرين الأول 2022، كما أنها عضوٌ في مجلس النواب الإيطالي منذ عام 2006. وُصفت مواقفها بالقوميّة الإيطالية، كما قِيل أنّها يمينية متطرفة، لكنّها ترفضُ هذه التسمية وتصفُ نفسها بأنها مسيحيّة ومحافِظة، وتتحدّث دائمًا عن الدفاع عن “الله والوطن والأسرة”، كما تُعارض الإجهاض والموت الرحيم وزواج المثليين فضلًا عن معارضتها لأبوة وأمومة المثليين، مؤكّدةً على أنَّ الأسرة الأوليّة تتكوّن حصرًا من زوجينِ واحدٌ ذكرٌ والثاني أنثى.
تُعارض مِلوني أيضًا استقبال المهاجرين غير الأوروبيين والتعددية الثقافية. واتُهمت في عدّة مرات بكراهيّة الإسلام، وهي من مؤيّدي حلف شمال الأطلسي، لكنها تتمسَّكُ في الوقت نفسه بآرائها الشكوكيّة أو المتشكّكة فيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي